من الواضح أنّ ثورة 14 جانفي التي أسقط فيها الشعب التونسي نظاما قمعيا كاملا اغتصب الحرية والعدالة، لم تقض بعد على أزلام النظام السابق الذين ما زالوا يرتعون في البلاد، وخير دليل على ذلك ما وقع للفتاة المغتصبة التي حاول أعوان الأمن إجبارها على الصمت.
وأمام هول هذه الواقعة على مختلف فئات وشرائح الشعب التونسي توجه المصدر إلى وزير العدل نور الدين البحيري للتدقيق في سير القضية، التي تحوّلت إلى أكثر من قضية رأي عام، لتصبح قضية شخصية تحملها كل امرأة تونسية.
وندد وزير العدل نور الدين البحيري في حديثه للمصدر بالجرم الذي تعرضت له هذه الفتاة، واصفا الجريمة "بالشنيعة للغاية" و"المرفوضة تماما"، قائلا "نحن ثرنا على النظام التونسي لأنه بشكل من الأشكال اغتصب حقوقنا".
وعن رأيه بخصوص ما صرح به الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية سابقا خالد طروش بأنه تمّ رصد الفتاة المغتصبة في وضع غير أخلاقي في الطريق العام، أفاد البحيري، أن تحول الفتاة من متضررة إلى متهمة هو أمر "غير صحيح" باعتبار أن ملف القضية يشهد أن المتهمين مازالوا متهمين وهم موقوفون على ذمة العدالة.
وطالب البحيري من وسائل الإعلام عدم تهويل قضية الفتاة المغتصبة أو تسريب ادعاءات خاطئة ومخالفة للحقيقة، مؤكدا أن القضاء سوف يأخذ مجراه وأن قاضي التحقيق في هذه القضية بالذات يبذل في الكثير من الجهد ليقوم بإجراءات مستعجلة خوفا من ضياع الاثبتات لضمان حق المتضررة.
وعن سير القضية أفاد البحيري أنها تتقدم بشكل سريع وببحث جدي وعميق من خلال بذل مجهود استثنائي لحساسية الموضوع ولرفض مثل هذه الممارسات، وفق تعبيره.
وأكد أن قاضي التحقيق المتعهد بالملف يبحث في كل خفاياه وتفاصيله بكل حيادية، نافيا بأنه يعمل تحت ضغوطات أو إملاءات خارجية.
وقال إنّ الادعاء بتحويل الفتاة المغتصبة من ضحية إلى متهمة من شأنه أن يمس من سمعة تونس وإشعاع ثورتها وهيبة القضاء ومكانته وثقة المواطنين به.
وقال البحيري للمصدر "تشويه سمعة تونس من خلال هذه القضية أمر خطير جدا خاصة في هذه المرحلة الانتقالية بالذات".
ودعا إلى الكف عن الادعاءات الباطلة لأجل مصالح سياسية أو حزبية أو فئوية، قائلا "عندما يكون هناك عدم توازن في الدولة لن تتضرر النهضة أو أي حزب سياسي آخر وإنما جميع تونسيين".
كما طالب من المعارضة بالابتعاد عن توظيف القضية سياسيا، قائلا "اتركوا القضاء وشأنه بل حرروه من التجاذبات السياسية لكي لا نترك تونس أسيرة للتنازع وللطموحات الشخصية وللحسابات الضيقة".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire